-ها يا بنتي! هتمشي مع جوزِك ولا لسة زعلانة؟
قالت كدا وهي بترُد على التليفون وأنا بابتسامة فضلْت قاعدة جنبها مستنيّاها تخلّص وعيني على كوباية القهوة بتاعتي ودماغي بتدور في وادي تاني من الأفكار.
قفلِت بعد دقايق وسابت التليفون على جنب، وبعد لحظات بدإت تضرب كف بكف بذهول.
-في حاجة يا ماما؟
اتنهدِت وهي بتسند راسها على إيدها وبتقول بهَم:
-في خيبة والله يا بنتي.. في خيبة تقيلة.
كشّرْت بعدم فِهم فقالت وهي بتبص في فنجان القهوة بتاعها:
-الموكوسة متخانقة مع جوزها.
شهقْت:
-ليه كدا؟
نفخِت وقالت بعد تردد دام لدقايق:
-بتقول قالت حاجة مكانش ينفع تقولها لسلفتها والكلام وصل لأمه فخلّيتهم اتخانقوا.
اتوترْت فجأة وأنا بفتكر إزاي كنت مواظبة على إني أحكي كل تفاصيل يومنا لماما لحد ما حصلِت آخر مشكلة، وبتردد قولت:
-إن شاء الله يتصالحوا بسرعة.
بصّتلي وهي بتهز راسها بيأس:
-يارب يا بنتي.. أنا ياما قولتلها أسرار بيتك متطلعش لحد ولو كان ليا أنا شخصيًا.. لكن تعملي إيه بقى في البني آدم اللكاك!
-حتى لو ليكي!
ابتسمِت وهي بتهز راسها بآه:
-آه طبعًا حتى لو ليا.. عارفة يا ندى!.. الأهل دول أكتر ناس ممكن يخربوا على عيالهم من غير ما يحسوا.
انتبهْت لكلامها وقولت بسرعة:
-بس أكيد مش بقصدهم يا ماما.
-طبعًا مبيكونش بقصدهم، هما بيكونوا شايفين إنهم باللي بيعملوه دا بيحموا عيالهم، لكن للأسف هما بيضيعوهم من غير ما يحسّوا.. الأب والأم لما بيشمّوا بس ريحة غ،ـدر ولو كانت كدابة جاي من على بُعد مبيقدروش يسكتوا وعلى طول تلاقيهم بيشعللوا الدنيا عشان يحافظوا على حق عيالهم ولو كان بإنهم يطلقوا ابنهم ولا بنتهم ويرجّعوهم لحضنهم من تاني، وطبعًا عشان الابن أو البنت ضُعاف قدام الأهل تلاقي الواحد منهم حتى لو رافض فكرة إنه يبعد عن حبيبُه بيبعد لمُجرد إنه يثبِت لأهله إنه قادر يعمل كدا أو عشان يسمع كلامهم مش أكتر.
كانت بتتكلّم وأنا دماغي في حتة تانية بفتكر إزاي قدرِت ماما تقنعني إن طه بيخوني لمُجرد إني حكيتلها إزاي كان بيعاملني بشيء من الضيق والتوتر في الفترة اللي كان بادئ فيها يفكر يفتح المكتب على عكس طريقتُه اللي كانت مُريبة في تلقّي بعض المكالمات، وإزاي برضو الأمور باظت ما بينا بسبب أفكارها اللي مشيت وراها واللي خلّت الأمور تروح بينا لدرجة التفكير في الانفصال.
-بس عارفة يا ندى! برغم إن الأهل بيكونوا سبب معظم المشاكل دي إلا إن الأبناء برضة بيكونوا مسؤولين عن اللي بيحصل دا لإنهم بيشاركوا معاهم في هدّ بيتوهم ولو كان من غير ما يقصدوا.
انتبهْت لكلامها اللي شدّني من أفكاري، وهي كمّلِت بهدوء:
-يعني مثلًا لو كل زوج وزوجة قفلوا على نفسهم باب شقتهم وموصلّوش أي حاجة ما بينهم لأي حد تفتكري إن في حد ممكن يلاقي فرصة في يوم إنه يقلبهم على بعض! الأهل اللي بيبقوا قاعدين شايفين إن جوز بنتهم خطفها منهم وبيبقوا مستنيين منه غلطة عشان يرجّعوا بنتهم لحضنهم من تاني،