امراة العزيز ويوسف الصديق
تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. هذا كان من جملة أسباب خروج يوسف عليه السلام من السچن على وجه الاحترام والإكرام وذلك أن ملك مصر وهو الريان بن الوليد بن ثروان بن اراشه بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح رأى هذه الرؤيا. قال أهل الكتاب رأى كأنه على حافة نهر وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر فرتعن معهن ثم ملن عليهن فأكلتهن فاستيقظ مذعورا. ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة وإذا سبع أخر دقاق يابسات فأكلنهن فاستيقظ مذعورا. فلما قصها على ملأه وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها بل قالوا أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام من الليل لعلها لا تعبير لها ومع هذا فلا خبرة لنا بذلك ولهذا قالوا وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين فعند ذلك تذكر الناجي منهما الذي وصاه يوسف بأن يذكره عند ربه فنسيه إلى حينه هذا. وذلك عن تقدير الله عز وجل وله الحكمة في ذلك فلما سمع رؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف وما كان أوصاه به من التذكار. ولهذا قال تعالى وقال الذي نجا منهما أي تذكر بعد أمة أي بعد مدة من الزمان وهو بضع سنين وقرأ بعضهم كما حكي عن ابن عباس وعكرمة والضحاك وادكر بعد أمة أي بعد نسيان وقرأها مجاهد بعد أمة بإسكان الميم وهو النسيان أيضا يقال أمه الرجل يأمه أمها وأمها إذا نسي. قال الشاعر أمهت وكنت لا أنسى حديثا كذاك الدهر يزري بالعقول فقال لقومه وللملك أنا أنبئكم بتأويله فأرسلوني أي فأرسلوني إلى يوسف فجاءه فقال يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون. وعند أهل الكتاب أن الملك لما ذكره له الساقي استدعاه إلى حضرته وقص عليه ما رآه ففسره له وهذا غلط والصواب ما قصه الله في كتابه القرآن لا ما عربه هؤلاء الجهلة الثيران من فري وهذيان. فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر ولا شرط ولا طلب الخروج سريعا بل أجابهم إلى ما سألوا وعبر لهم ما كان من منام الملك الدال على وقوع سبع سنين من الخصب ويعقبهما سبع جدب ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس يعني يأتيهم الغيث والخصب والرفاهية وفيه يعصرون يعني ما كانوا يعصرونه من الأقصاب والأعناب والزيتون والسمسم وغيرها. فعبر لهم. وعلى الخير دلهم وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم